المادة    
بقي أن نقول: ما هي الهيئات والإدارات الحكومية في عصرنا الحاضر التي تقابل ديوان الحسبة، بحيث إذا أنشئ ديوان للحسبة وأعطيت صلاحيات لهذا الديوان على الحقيقة، فما هي الإدارات التي يمكن أن تندرج ضمنه أو تتفرع عنه؟ بعد أن رأينا ما كتب الفقهاء، وما هي أقسام الدواوين الأربعة -كما ذكرنا- نجد أشياء قد لا تتخيلونها.
  1. الرقابة العامة

    منها على سبيل المثال: كثير من اختصاصات ديوان المراقبة العامة، كهيئة الرقابة، وهيئة التحقيق، وهيئة التأديب، وهذه الهيئات بدرجة وزارة، ولها صلاحيات في الرقابة المالية، وفي التحقيق، وفي التأديب إلى غير ذلك، وهذه في واقعنا الحالي كأنه لا علاقة لها بالأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، هي إدارية بحتة، وربما كان كثير من أنظمتها مأخوذ من القوانين أو الأنظمة المستوردة مع أنها من ضمن ما يدخل في ولاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الحسبة. ولكم أن تتصوروا لو أن هذه الوظائف فعلاً أدرجت على أنها وظائف دينية احتسابية، وأنها عملٌ يراد به وجه الله، كيف سيكون حالها وحال الأمة التي تكون فيها هذه الوظائف جزء من ولاية من ولاياتها؛ وهي ولاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الحسبة؟!
  2. الشرطة وإدارة الحقوق المدنية

    وكذلك بعض اختصاصات إدارات الشرطة في عصرنا الحاضر، وبالذات ما يسمى بإدارة الحقوق المدنية؛ لأن الأصل في وظيفة الإدارة المدنية هو الحقوق الثابتة لا الحقوق المتخاصم عليها. فالحق الثابت الذي يلزم صاحبه أن يؤديه هو من اختصاصات المحتسب، فكيف لو ضمت هذه الإدارات وضم رجال الشرطة الذين يقومون بها إلى ديوان الحسبة، وأصبحوا تابعين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأصبح عملهم ليس مجرد أي عمل إداري، وإنما عمل ديني احتسابي يقومون به وفق النظم والضوابط الشرعية الفقهية، وتحت ولاية الإفتاء وما يفتي به العلماء. كيف تتخيلون أن تكون حالة الأمن؟ من المؤكد أنه سيعم ويسود الأمن، وتقل الجرائم أو تنعدم -بإذن الله تعالى- لأن رهبة الناس من التداعي ستزول، وأي إنسان له حق ثابت سيذهب مطمئناً إلى رجال الحسبة فيعطى حقه، وأي إنسان مماطل فإنه سيخاف، وقد نص العلماء في كل الكتب -تقريباً- على أن من عمل المحتسب أخذ الحق من الغني المماطل. هذا الذي تقوم به الآن إدارات الحقوق المدنية -وهذه تسمية مستوردة- والقضية ليست قضية الأسماء، فالحق أن هذا من عمل وديوان الحسبة.
  3. البلديات

    عندنا البلديات والتي تشرف على الجسور، والطرق، والرقابة على الأسواق، وكل هذه في الحقيقة تتبع الحسبة، فالإدارات التي تتبع البلدية الآن وهي في كل حي، لو أنها تتبع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتخضع للإفتاء وللضوابط الشرعية الفقهية، لرأيتم حال الأمة كيف يتغير إلى الصلاح والخير، ورأيت أن ذلك أردع وأبعد عن الرشاوى وعن المشكلات التي لا نريد الدخول في تفاصيلها، فكل واحد منا يعلمها. وأكثر الناس يعرفون البلديات ويعانون منها خيرها وشرها، كأنها عند الناس لعبة، لكن لو كانت البلدية قائمة على أساس شرعي لرأيتم الإنصاف، ورأيتم الخير يعم المجتمع، فما تقوم به البلديات من إصلاح الطرق والجسور، ومنع التعديات، ومراقبة البضائع، وإتلاف المغشوش، هو مما نص الفقهاء على أنه من ديوان الحسبة.
  4. وزارة التجارة

    كذلك وزارة التجارة، وما يتبعها من إدارات كإدارة مكافحة الغش التجاري، والتفتيش على المحلات من الناحية التجارية، كله داخل -كما رأينا في كلام الفقهاء- ضمن عمل الحسبة، فلو ضممنا فروع التجارة، وجعلناها تحت ولاية الحسبة، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وأدرجت ضمن الولايات الشرعية وتحت الأحكام الشرعية، فسوف تضبط هذه الأمور ويكون فيها الخير والصلاح بإذن الله. وهذا لا يعني أنه لا يوجد في البلديات، أو الشرطة، أو في الحقوق، أو في التجارة من هو على خير وعلى صلاح، ومن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، ولا يرتشي، ولا يغش، فالحمد لله بعضها فيها خير كثير، ولكن المقصود من هذا الكلام ليس الأفراد، بل المقصود أصل الولاية. وفرق بين أن أشعر أني في الهيئة، فأرى أنني أمثل الشرع، وأمثل الدين في حركتي، وكلامي، وفي ذهابي إلى عملي، وأتقيد في أعمالي كلها بأحكام الشرع، وبين أن أشعر أني مجرد موظف إداري، أعمل طبق ما يأتيني من تعليمات، وأخالف فيها ولا أرى أنني آثم، وأزيد عليها ولا أرى أيضاً أنني قمت بما لا يجب، ولهذا بدأنا الموضوع ببيان أن المقصود من الولايات -كلها- أن يكون الدين كله لله، وأن يؤمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر.
  5. الدفاع المدني

    الدفاع المدني بجميع فروعه نص الفقهاء في كل كتب الأحكام السلطانية على أنه من اختصاص الحسبة، فالدفاع المدني يفتش المحلات حتى لا يندلع حريق، ويفتش على أسلاك الكهرباء، على الطفايات -مثلاً- وهذه مذكورة بحسب عصرها من ضمن ولاية المحتسب، فإذا حولنا هذه الطاقات وما يتبعها من المعدات والسيارات إلى الهيئة!! فبعض محلات الدفاع المدني تمر شهور -والحمد لله- لا حريق ولا شيء، فترى الجنود والموظفين جالسين إما للعب أو لذكر الله إن كانوا ممن يذكرون الله، والهيئة تحتاج إلى الجندي الواحد فلا تجده!! لماذا لا نجعل هذا الشخص العاطل عن العمل في هذه الجهات أو الذي عمله شبه ضعيف، لماذا لا نجعله في جهاز عامل يحتاج إلى طاقة؟ ورواتبهم إنما هي من أموال المسلمين فلا فرق. وعندما نأخذ بطبيعة التقسيم الشرعي إلى ولايات، نجد أن هذا يريحنا من أمور كثيرة جداً، وتستقيم أحوال الناس وما يتعلق بشأن الدفاع المدني من الإنقاذ، ومن مكافحة الحرائق، ودرء أسباب الدمار والخراب، كل هذا يقوم به ديوان الحسبة أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الوضع الطبيعي الصحيح للدولة الإسلامية.
  6. مكافحة المخدرات

    كذلك مكافحة المخدرات، والمخدرات كانت معروفة كالحشيش، لكن الآن الفرق أن الصناعة الآن أمريكية متحضرة!! والمفسدة كانت واقعة وموجودة، وكانت بطبيعة الحال من اختصاص رجال الحسبة، فأيضاً تدرج مكافحة المخدرات بأجهزتها ومكافحتها ضمن الهيئة في ديوان الحسبة، فتنقلب -أيضاً- إلى جهاز أكثر نفعاً، وأكثر عملاً، وأجدى في المكافحة، وأردع وأجدر عند الناس؛ لأنها أصبحت ولاية شرعية تتبع الأحكام الشرعية، وتتبع ما يقوله العلماء وتقوم بواجبها خير قيام.
  7. وزارة الأوقاف

    بعض صلاحيات وزارة الأوقاف كما يسمى حالياً منصوص عليه في كتب الأحكام أنه من صلاحيات رجال الحسبة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
    ومن أهم ذلك أن الإمام المبتدع لا يولى إمامة المسجد، فيحتسب رجال الحسبة ويبعدون هذا الإمام المبتدع أو الزنديق ويؤتى بالإمام الصالح.
    وكذلك الوعظ فهو -أيضاً- جانب وعمل من جوانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    بناء المساجد والاهتمام بها ورعايتها ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)) [النور:36] أي: ترفع حساً ومعنىً، ترفع معنىً في قلوب الناس، فترتفع وتصبح أقدس ما عند الناس، وأعظم ما عندهم، وأهم ما في الحي المسجد، فما نريد العشرات من الفلل الفخمة تحيط بمسجد متهدم مكسر، دورة المياه فيه لا يستطيع أحد أن يتوضأ فيها!! فهذا المسجد ما رفع حساً ولا معنىً، (( أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ))[النور:36] حقيقة ومعنىً، وكذلك حساً؛ بأن ترفع فلا تعلوها هذه البنايات الشاهقة، وأسوأ من ذلك أن تعلوها بنايات مما حرم الله، كالبنك السعودي الفرنسي فهو أعلى من المسجد!! ومصيبة أن تعلو المنكرات على المساجد، ولما لم ترفع ولم تعظم شعائر الله حتى كان الحال كما نرى!!
    وكذلك حفظ الأوقات من تعدي الناس عليها، والاهتمام بها، ومراعاتها، كل هذا يدخل ويندرج شرعاً وعملاً -خلال القرون الإسلامية- تحت ولاية المحتسب وديوان الحسبة.
  8. الشئون الصحية

    نص العلماء على أن من عمل ديوان الحسبة، مراقبة الأطباء ومعرفة الخبير من غير الخبير، ومنع الذي لا يجيد الطب من التطبيب، حتى القوابل للولادة والتنبيه عليهن، وفصل الرجال عن النساء، وكل ما نعتبره الآن نحن من الرقابة الطبية فقد تكلم فيه العلماء وجعلوه ضمن ولاية المحتسب. وكذلك منع التطبيب بالسحر والشعوذة والكهانة، هذه من أعمال المحتسب، فيبحث، ويستمع، وإذا رأى أن الناس يذهبون إلى رجل فيتتبع ذلك الموضوع؛ فإن كان ساحراً فيقام عليه الحد. وكل هذه مندرجة تحت ولاية المحتسب، فجانب من جوانب الشئون الصحية في أيامنا الحاضرة هو من اختصاص هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الوضع الطبيعي في الدولة الإسلامية.
  9. الشئون التعليمية

    كذلك يراقب رجل الحسبة وضع التعليم، فيذهب إلى المدارس ويتتبع ويرى ماذا يفعل المعلمون، حتى قال العلماء: إذا كان بعض المعلمين يأخذ أجراً أكثر على غير فائدة أو من غير تعليم فإنه يعاقب، وإذا كان يضرب التلاميذ أكثر مما ينبغي، فإنه يعاقب ويعزر، المهم: أن يكون وضع التعليم تحت إشراف الحسبة.
    ونحن لا نقول: كل وزارة المعارف تنتقل، لكن جانباً مهماً يظل خاضعاً لها، وهم الآن إذا أريد إلقاء محاضرة، قالوا: لا نقدر أن نسمح بمحاضرة في المدارس، سبحان الله! لماذا كلما أريد فتح توعية إسلامية في المدارس، يقولون: لا نستطيع، ولا نقدر، والوقت لا يسمح؟!
    فجزء عظيم من صلاحية إدارة التعليم، هو أصلاً خاضع للهيئة، وعندما تعطى هذا الصلاحية للهيئة التي هي ديوان الحسبة، ويخضع التعليم لرقابتها فإننا نرى أن التعليم يصلح بإذن الله.
    كيف لا وقد وصلت الأمور إلى حد أن بعض المدرسين -والعياذ بالله- قد يرتكبون الفاحشة مع الطلاب في المدارس، ويفعلون أموراً أخرى، ويتكلمون بألفاظ بذيئة، ولا أحد إلا وهو يعرف هذا، ولا نحتاج إلى أن ندخل في هذه الموضوعات، فمن يعالجها ومن يصلح الأمور؟! أليس هذا من عمل الحسبة، ولا بد أن يقوم به رجال الحسبة؟!
    - مدرس يأتي المدرسة سكران، ماذا يقول له المدير، يقيم عليه الحد، أو يحوله إلى الشرطة؟! هذا من عمل الحسبة أيضاً.
    - مناهج فيها بدع وضلالات وخرافات، تحال للحسبة، وهذا من صلاحيات واختصاصات ديوان الحسبة، ولا نكاد الآن نشعر أنها من صلاحياتها، فعمل الهيئة عندنا الآن هو المناداة للصلاة فقط، وما عدا ذلك فكأنه ليس من عملها، وهذا الكلام كما قلت: مضغوط وموجز، لكن لو أردت دليلاً على كل شيء فعليك بكلام العلماء في الأحكام السلطانية وكتب الفقه ومنها ما ذكره شَيْخ الإِسْلامِ في قاعدة في الحسبة .
  10. مؤسسات الرفق بالحيوان

    ومن العجيب أن العلماء قد نصوا حتى على الاحتساب لمصلحة الدواب!! انظروا دين الرحمة، دين الإحسان، حتى لمصلحة الدواب، فمن عمل المحتسب أن ينظر إن كان صاحب الدابة يعذبها ويحملها ما لا تطيق؛ فيحتسب عليه ويأمره وينهاه. وهذا منصوص عليه، وهذا من كمال حكمة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الظاهرة في هذا التشريع وهذا الدين، الذي لما تركناه، تغير حالنا تهدر حقوق الآدميين في مجالات كثيرة، وفي الغرب يقيمون جمعيات للحيوان -سبحان ال-ه! هذه عندنا من ضمن أعمال رجال الحسبة، وكان هذا في الأمة أمراً معروفاً؛ فكانوا يمشون في الأسواق، فإذا رأوا دابّة عليها حمل ثقيل، أوقفوا صاحبها وأنزلوا من فوقها بعض الحمل، وقالوا: احمل هذا أنت أو استأجر دابة أخرى.. ولا تحملها ما لا تطيق. فكانت الأمة تشعر أن عليها رقيباً، ولهذا كانت أقرب إلى تقوى الله؛ ولهذا كانت تقاوم إذا ما تعرضت للغزو الخارجي، فقد جاء الصليبيون فقاومتهم، وجاء التتار فقاومتهم؛ لأن فيها حياة وفيها نبض. لكن انظروا إلى واقعنا الميت المؤلم، لماذا؟! لأننا قد أميتت فينا الشعيرة التي من شأنها أن تحيي قلوبنا وأن تحيينا كخير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
  11. وزارة المواصلات، والمؤسسة العامة للموانئ

    أيضاً مما نص عليه العلماء: أن على رجال الحسبة تفقد المراكب، من أدوات النقل والسفن، وأن ينظروا إلى ما في حمولة السفن، وحتى قال أبو يعلى رحمه الله في أحكام السفن: ''يتفقد المحتسب السفن، فيضع أماكن للرجال وأماكن للنساء، ويضع مكاناً لقضاء النساء للحاجة غير ما هو مُعدٌّ للرجال''.
    هذا ضمن السفن، إذن كل هذا يندرج ويدخل تحت أعمال الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  12. مصلحة المجاري والمياه

    مما نص عليه العلماء من الشعائر التي يجب على رجل الحسبة أن يحييها ويهتم بها: موضوع الطهارة، فالطهارة أصل ديننا كله، فديننا دين الطهارة الحسية والمعنوية، الظاهرة والباطنة، فإذا تُرك كل واحد ينـزل النجاسات كما يشاء، وينـزل المياه الملوثة، أو يفعل كذا أو كذا، فإنه قد يسد المجاري أو يلوث مياه الشرب مثلاً، فما يتعلق بالمياه ونقاوتها من الطهارة ومن الخبث ومن الأمراض أيضاً يندرج تحت الحسبة، فلا يدخل هذا ضمن مصلحة المياه والمجاري أو ضمن وزارة الصحة والطب الوقائي مثلاً أو غير ذلك؛ لأن كل هذا من أعمال رجل الحسبة التي نص عليها العلماء رحمهم الله تعالى كما قلنا.
  13. إدارة شئون الموتى

    مما يراقبه -أيضاً- رجال الحسبة: المقابر وكيف يدفن الميت، وكيف يغسل. فترتكب أعمال فظيعة، وكثير من الناس لا والي له، كيف تكون الحال والإدارة هذه، مجرد أناس موتى يدفنون موتى؟! لا يهتمون ولا يأبهون بإقامة دين الله في هذا الشأن ولا يأبهون بالمقابر، ولو تركت المقابر من غير اهتمام ومن غير متابعة، لبني عليها!! وقد يبنى عليها ملاعب أو أي شيء آخر!! ولا يبالي الناس إذا قست قلوبهم عن ذكر الله وغفلوا عن الآخرة، لا يبالون حتى بحرمة المقابر، وهذه الأمور مما يتعلق بالموتى والمقابر هي من عمل رجال الحسبة أيضاً.
  14. الجمارك

    وعندنا هنا في المملكة قبل خمس عشرة سنة أو ما يقرب من ذلك كان في كل مطار أو مدخل: رجل الهيئة مع رجل التفتيش في كل شيء، ثم تقلصت الصلاحيات وقلل العدد.
    من أهم الأعمال: إدارة الجمارك، ولا نعني جانب الضرائب والجبايات فهذه لها تفصيل، وهي أعمال إذا دخلت في المكس فهي من أعظم الذنوب والكبائر، لكن نتكلم في الجمارك من جهة أنها تضبط ما يدخل إلى البلد من الممنوعات، هذا العمل هو من عمل رجال الحسبة.
  15. المراقبة الإعلامية

    ومن ذلك كثير من أعمال وزارة الإعلام، مثل المراقبة الإعلامية، من يحكم على المجلة، أتدخل أو لا تدخل، الآن أحياناً تأتيك مجلة مصور فيها امرأة عارية، فيطمسون الثدي وحدود العورة، ويبقى الصدر والشعر! وكأنه ما بقي شيء، فمن قال: إن هذا حرام وهذا ليس بحرام؟! وبأي معيار طمست هذا وتركت هذا؟! والحمد لله أنها تطمس، ولا نقول: لا تطمس، لكن لو راعينا الأصول الشرعية، وجعلنا هذه الأجهزة مرتبطة بإدارتها الشرعية التي جعلها الله لها، لرأيت أنه لا يتجرأ أحد على أن يدخل دواعي الرذيلة، والزنى، والفاحشة إلى البلد المسلم، لعلمه أن هناك إدارةً واعيةً، وشرعيةً، وحذرةً، ومتنبهةً، تتلف كل ما فيه محرم. ومراقبة الفيديوهات وما يتعلق بها -أيضاً- فيدرب موظف إداري ليراقب، ويعطي التصاريح، والرقابة الإعلامية معروفة أنها على المجلات، والفيديوهات ومحلات الأغاني، ولا نقول: لا يوجد عليها رقابة، بل هناك رقابة، ولكن هناك بعد عن الحكم الصحيح، فمثلاً: ما يتعلق بالأغاني، القضية ليست قضية رقابة بأن يمر ويراقب، لكن الحقيقة أنه لا يجوز شرعاً، ولا يحل أن يرخص لمحل أن يبيع الأغاني أو الأفلام الفاسدة مما هو موجود الآن، والترخيص بها حرام، وعملها كله حرام، وما يربحه مما يسمى المكاسب أو الدخل فهو خسارة، وسحت لا يجوز؛ ولذلك لو وضعت في الموضع الشرعي الصحيح وأحيلت إلى الولايات الشرعية، فالحكم فيها هو الإلغاء فوراً. وقد تعرضنا لذكر بعض الإدارات وبعض الصلاحيات هنا لنعرف من خلال كلام الفقهاء -رحمهم الله- سعة وصلاحيات ديوان الحسبة وهيئة ديوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما نسميها نحن الآن.